يؤدي الجهاز المناعي في الجسم دوراً أساسيا مهماً وفعّالاً في حماية الجسم إذا ما تعرض الى هجوم من مسببات المرض، أمثال الفيروسات، والبكتريا، والفطريات، وغيرها، حيث يقوم الجهاز المناعي، ومن خلال ما يعرف بالاستجابة المناعية، بتشخيص مسبب المرض ومهاجمته والتخلص منه.

يتكون الجهاز المناعي من شبكة معقدة من أنواع مختلفة من البروتينات والخلايا والأنسجة والأعضاء المنتشرة في جميع أنحاء الجسم، تعمل جميعها بتوازن وانسجام وبكفاءة عالية للدفاع عن الجسم ضد الغزاة الأجانب من مسببات المرض، وهو مصمم لتشخيص ومهاجمة وتدمير كافة الأجسام الغريبة عن الجسم، بغض النظر إذا كان مصدرها من خارج الجسم، على سبيل المثال فيروس كورونا المستجد، او من داخل الجسم مثل الخلايا السرطانية.

وفي ظل الانتشار الواسع لفيروس كورونا المستجد في كافة أنحاء العالم، أصبح الرهان كبيرا على قدرة الجهاز المناعي في الجسم على التصدي لهذا الفيروس القاتل، الأمر الذي يتطلب وجود نظام مناعي قوي وصحي لحمايتنا من الفيروس ومخاطره.

ان أفضل الطرق للحفاظ على صحتك وجهازك المناعي هي:

1. اختيار نمط حياة صحي مليء بالنشاط والحيوية وبعيدة عن مصادر القلق والتوتر.

2. إتباع نظام غذائي صحي ومتوازن غني بالفواكه والخضروات.

3. تناول المكملات الغذائية مثل الفيتامينات او المعادن. ولكن، فقط عندما يكون هناك نقص في مستوياتها، وإلا فلن يكون لها تأثير سوى زيادة أموال شركات الادوية المنتجة لها.

ما تأثيرات نمط الحياة على جهاز المناعة:

هناك ممارسات اعتيادية يومية يمكنها ان تسهم في تعزيز قوة الجهاز المناعي في حماية الجسم من الأمراض وتقليل فرصة الإصابة بعدوى الفيروس التاجي أو الحد من تداعياتها ومضاعفاتها. وهناك أيضاً الكثير من العادات والعوامل السيئة التي يمكن ان تضعف الجهاز المناعي ويجب تجنبها. فيما يأتي أهم النصائح والممارسات لتعزيز الجهاز المناعي؟

((احصل على قسط كافٍ من النوم)) :

النوم والمناعة مرتبطان ارتباطًا وثيقًا. ان الحصول على قسط كافٍ من النوم يؤدي إلى تقوية المناعة الطبيعية. يطلق الجسم أثناء النوم بروتينات معينة تؤدي دورا مهما في التواصل بين الخلايا المناعية وغير المناعية لتقوية جهاز المناعة، وقلة النوم قد تقلل من إنتاج هذه البروتينات الواقية وتضعف المناعة. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي قلة النوم الى انخفاض إنتاج الأجسام المناعية المضادة والخلايا المضادة للعدوى. كما ان قلة النوم تؤدي الى تقليل فاعلية بعض كريات الدم البيضاء في إطلاق مضادات الأكسدة، التي تقتل البكتيريا والجراثيم المعدية الأخرى. لذا، فان هناك حاجة إلى الحصول على قسط كافٍ من النوم للتمكن من محاربة الأمراض المعدية، بما في ذلك فيروس كورونا. وبعكسه، فان النوم غير الكافي يضعف جهاز المناعة، ويصبح الجسم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض. ان قلة النوم تؤثر أيضا على الوزن وعلى ذاكرة الانسان.

أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين ينامون ست ساعات في الليلة، أو أقل، معرضون للإصابة بالزكام أربع مرات أكثر من أولئك الذين ينامون سبع ساعات في الليلة. السبب إنك عندما تنام، ينتج جسمك بروتينات مسؤولة عن مكافحة العدوى وتقليل الالتهاب. ولكن إذا بخلت في النوم، فسيجد جسمك صعوبة في درء العدوى.

يحتاج البالغون الى 7 – 9 ساعات من النوم كل ليلة، وينصح ان تكون غرفة النوم مظلمة تمامًا وباردة نسبيا والحفاظ على درجة حرارة ما بين 18 و19 درجة مئوية. حاول الذهاب إلى الفراش في الوقت نفسه تقريبًا كل ليلة واستيقظ في الوقت نفسه كل صباح.

((تجنب التوتر والضغط العصبي)) :

إن تخفيف التوتر والقلق هو مفتاح صحة الجهاز المناعي في الجسم، فقد أثبتت أبحاث كثيرة التأثير السلبي للضغط العصبي على صحة الإنسان. تقلل هرمونات التوتر من قدرة الجسم على مقاومة العدوى، مما يجعلك أكثر عرضة للإصابة بالمرض. وثبت أن الإجهاد طويل الأمد “يدمر جهاز المناعة”، وفقًا لجمعية علم النفس الأمريكية. ويقلل الإجهاد والقلق من عدد خلايا الدم البيضاء التي تساعد في محاربة العدوى، وكلما انخفض هذا المستوى، زاد خطر إصابتك بالعدوى.

يمكن خفض مستويات التوتر والقلق عبر تناول طعام صحّي، وممارسة التّمارين الرياضيّة بانتظام، والاسترخاء والتنفّس العميق، والحدّ من التعرّض الى الضّوضاء. أن المستويات المرتفعة من الإجهاد النفسي والجسدي لمدة طويلة تؤثّر سلبًا على أداء جهاز المناعة.

((مارس الرياضة بانتظام)) :

أن التمارين الرياضية المعتدلة يمكن أن تعزز جهاز المناعة من خلال تقليل الالتهاب بشكل كبير ومساعدة الخلايا المناعية على التجدد بانتظام وبشكل أكثر كفاية. كما تساعد التمارين على تحسين تدفق الدم حول الجسم، مما يسمح للخلايا والمواد المقاومة للجراثيم في جهاز المناعة بالتحرك عبر الجسم بحرية والقيام بعملها بكفاءة.

إن النشاط الرياضي لمدة نصف ساعة يومياً يساعد على تهدئة الأعصاب وتحسين المزاج وتقوية العظام ويحمي الجسم من أمراض القلب والأوعية الدموية وبعض أنواع الأمراض السرطانية.

ان من أمثلة التمارين الرياضية المعتدلة المشي السريع، والركض، والسباحة، والمشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات. يجب أن يستهدف معظم الأشخاص ممارسة التمارين المعتدلة لمدة 150 دقيقة في الأسبوع على الأقل.

رصد باحثون أميركيون علاقة إيجابية بين المشي وتحسين وظائف الدماغ. ففي دراسة نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” يوم أمس 8 آب 2021، ذكر الباحثون أن المشي يوميا يعالج الضعف الإدراكي، ويحسن المزاج والذاكرة. كما ان المشي لساعات عدة أسبوعيا يحدّث من نشاط المخ ويقلل من الامراض المزمنة. شارك في الدراسة التي استمرت عاما كاملا نحو مئة شخص من الرجال والنساء في منتصف العمر وكبار السن.

التغذية الصحية:

تعدّ التغذية الصحية واحدة من أهم الأساليب التي من شأنها تقوية الجهاز المناعي لمقاومة الامراض والجراثيم. ينصح الخبراء اتباع نظام غذائي صحي متكامل يتصف بالتنوع والتوازن، ويحتوي على جميع العناصر الغذائية المفيدة. فما هي الأغذية التي تقوي وتعزز الجهاز المناعي؟

((الأطعمة النباتية الكاملة)):

ان الأطعمة النباتية الكاملة مثل الفواكه والخضروات والمكسرات والبذور والبقوليات غنية بمضادات الأكسدة التي تساعد على تقليل الالتهاب عن طريق مكافحة المركبات غير المستقرة التي تسمى الجذور الحرة.

علاوة على ذلك، فإن الفواكه والخضروات غنية بالعناصر الغذائية والفيتامينات، التي يمكن أن تعزز وظيفة الجهاز المناعي. كما ان الأطعمة النباتية غنية أيضًا بالألياف، مما يساعد على خفض نسبة الدهون في الجسم، وبالتالي تقوية جهاز المناعة.

((الأغذية الغنية بالفيتامينات)):

ينصح بتناول الأغذية الغنية بفيتامين سي (C) مثل الحمضيات كالبرتقال، واليوسفي، والليمون، وأيضاً الفراولة، والجوافة، والفلفل الحلو الملون، وبعض الخضروات مثل البروكلي والسبانخ. وكذلك الأغذية الغنية بفيتامين أ (A) مثل الجزر، والبطاطا الحلوة، والطماطم، والكبدة، وبعض الخضروات مثل السبانخ. والأغذية الغنية بفيتامين ب (B) مثل اللحوم الحمراء والدواجن والأسماك، والبيض ومنتجات الألبان مثل الحليب والجبن، والفاصوليا والعدس، واللوز، والبروكلي والسبانخ، والفواكه مثل الحمضيات والأفوكادو والموز. والأغذية الغنية بفيتامين ايه (E) مثل الزيوت، والبذور، والمكسرات، والفواكه، والخضروات.

((الأغذية الغنية بمضادات الأكسدة)):

مضادات الأكسدة هي عبارة عن جزيئات تحافظ على الخلايا من التلف الذي قد تسببه الجذور الحرة فيها. وتساعد هذه المركبات في تحييد الجذور الحرة التي يمكن أن تلحق الضرر بالبروتينات الخلوية والحمض النووي، ويمكن أن يؤدي هذا الضرر إلى الالتهابات وتسريع عملية الشيخوخة.

وفيما يأتي بعض الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة وهي التوت، الشوكولاتة الداكنة التي تحتوي على 70٪ على الأقل من الكاكاو، الفاصوليا، العنب، السبانخ، الجزر، الجوز، البطاطا الحلوة، والشاي.

((الدهون الصحية)):

تعزز الدهون الصحية الموجودة في زيت الزيتون وسمك السلمون، استجابة الجسم المناعية لمسببات الأمراض عن طريق تقليل الالتهاب. يرتبط زيت الزيتون، وهو مضاد شديد للالتهابات، بانخفاض خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكري من النوع 2. بالإضافة إلى ذلك، قد تساعد خصائصه المضادة للالتهابات جسمك على محاربة البكتيريا والفيروسات الضارة المسببة للأمراض.

ان زيت الزيتون والسمك والمأكولات البحرية تحتوي على كميّات كبيرة من نوع مميز من الأحماض الدهنية يسمى أوميغا-3، الذي يؤدي دورا مهما في تقوية المناعة وخفض الالتهابات.

((أوميغا-3)):

يتواجد الحمض الدهني اوميغا 3 في العديد من الأطعمة، وأبرزها الأسماك: خاصةً أسماك السلمون والتونة والسردين والماكريل، والزيوت النباتية، مثل: زيت الزيتون وزيت بذور الكتان، وزيت فول الصويا.

ان من أبرز فوائد اوميغا 3: خفض ضغط الدم، التقليل من نسبة الدهون الثلاثية في الجسم، التقليل من خطر انسداد وتصلب الشرايين، الحد من خطر عدم انتظام نبضات القلب، التقليل من فرص الإصابة بنوبة قلبية أو السكتة الدماغية، التخفيض من معدل الإصابة بالاكتئاب، المساعدة في علاج الالتهابات وذلك بتخفيف أعراض الالتهابات في الرئة، وتحسين حالة المرضى الذين يعانون من التهاب المفاصل، وتعزيز صحة الدماغ وحمايته والحد من تدهور وتراجع القدرات المعرفية الذهنية والتفكيرية مع التقدم في العمر.

((تناول المزيد من اللبن)):

ان اللبن يعد مصدراً للبكتيريا المفيدة التي توجد في امعاء الانسان المسمات ” البروبيوتيك”، التي تعيق وتمنع تكاثر البكتيريا الضارة في المعدة والأمعاء، ممَّا يحسن ويعزز عمل الجهاز الهضمي. كما تعمل على الحماية من الأمراض والعدوى، حيث تقوي الجهاز المناعي، وتقي من الأمراض المختلفة واضطرابات المناعة الذاتية.

((أغذية مفيدة أخرى ينصح بتناولها)):

الفاصولياء والمكسرات والسبانج الغنية بالمغنيزيوم، وذلك لتأثيرها المهدئ على الجسم والأعصاب ومساعدتها على النوم.

الثوم الذي يعد غنياً بمركبات الكبريت والسلينيوم ومضادات الأكسدة، ويعد من المضادات الحيوية الطبيعية، ومنشطات الجهاز المناعي.

البصل، لاحتوائه على مجموعة من مضادات الميكروبات التي تساعد في حماية الجسم.

العسل، وهو مصدر هام للطاقة، ويستخدم كمضاد للالتهابات، ومقاوم للفيروسات، ونزلات البرد، ومفيد لتقوية الجهاز المناعي للجسم.

السبانخ، ويحتوي على نسبة عالية من الحديد، وفيتامين سي (C)، والكالسيوم، والفوسفور. يساعد الحديد في تحسين مستويات الهيموجلوبين مما يعزز إمداد الأكسجين للخلايا والأنسجة والأعضاء التالفة مما يؤدي إلى تقوية جهاز المناعة.

البروكلي، ويحتوي على مواد منشطة ومقوية لجهاز المناعة، ويحتوي أيضاً على مضادات للأكسدة، كما أنه غني بالفيتامينات، والمعادن، والألياف.

الكيوي، ويعتبر من أكثر أنواع الفواكه الغنية بفيتامين سي (C)، ويحتوي أيضاً على البوتاسيوم، ومضادات الأكسدة، ومادة الكلوروفيل التي تساعد في مقاومة السرطان.

الجوز، وهو من أغنى الأطعمة بمادة السلينيوم المفيدة جداً لجهاز المناعة.

الشاي الأخضر ويحتوي على مضادات الأكسدة، مما يقلل من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض.

((قلل من السكريات المضافة)):

ان تناول الحلويات والسكريات مضر بالصحة، ويقلل من كفاءة الجهاز المناعي. لذا تجنّب تناول الأطعمة والمشروبات التي تشمل السكّر والكربوهيدرات المُكرّرة مثل الحلويات والسكريات.

يعتبر السكر المضاف أكبر عدو للمناعة بدون أدنى شك. ولا يقتصر ذلك على مكعبات السكر التي نضعها في الشاي والقهوة فقط، وإنما هو موجود أيضًا في المشروبات الغازية والمعجنات والصلصات والوجبات الخفيفة. تسهم السكريات المضافة بشكل كبير في السمنة ومرض السكري من النوع 2 وأمراض القلب، وكلها يمكن أن تثبط جهاز المناعة لديك وتزيد من خطر العدوى.

أظهرت دراسة أجريت على حوالي 1000 شخصاً، إن الأشخاص الذين يعانون من السمنة الذين تم إعطاؤهم لقاح الإنفلونزا كانوا أكثر عرضة للإصابة بالأنفلونزا مرتين أكثر من الأفراد غير المصابين بالسمنة الذين تلقوا اللقاح.

((تجنب الأغذية مرتفعة الدهون)):

يمكن للأغذية الغنية بالدهون (أمثال اللحوم الدهنية، الأطعمة المقلية، الوجبات الخفيفة الدهنية، اللحوم المصنعة، الكريمة المخفوقة، الحلويات)، أن تضعف جهاز المناعة عن طريق تقليل وظيفة الخلايا اللمفاوية التائية، وقد يغير الميكروبات المعوية التي تساعد في المناعة. كما يمكن أن تزيد الوجبات الغذائية عالية الدهون من خطر الإصابة بالسمنة، مما قد يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالعدوى.

((الحفاظ على رطوبة الجسم))

اشرب الكثير من الماء: يوصى بشرب كميات كافية من الماء لكونه عنصرا أساسيا لجميع الوظائف الحيوية في الجسم، ولأنه يعمل على تنقية الجسم من العوامل الممرضة. يشكل الماء حوالي 75 بالمئة من جسم الانسان، لذلك يجب الحرص على شرب الماء باستمرار، وبما لا يقل عن لترين في اليوم الواحد (حوالي 8-10 أكواب) للحفاظ على حيوية الجسم ومقاومة الأمراض.

الماء ضروري لنقل المغذيات والمعادن إلى أجزاء مختلفة من الجسم وطرد السموم والنفايات منه. ويؤدي الماء دورًا أساسيًا في تعزيز قدرة الجسم على امتصاص الفيتامينات، والمعادن، والبروتينات، وغيرها من العناصر الغذائية التي تساعد الجهاز المناعي على إنتاج المزيد من الاجسام المضادة، التي تمكنه من مكافحة الفيروسات. بالإضافة الى ذلك، فإنه يساعد أيضاً على تنظيم درجة حرارة الجسم.

يساهم الماء أيضاً على حمل الأكسجين إلى خلايا الجسم المختلفة، مما يساعد بدوره على الأداء السليم للجسم. عندما تكون مريضاً او تعاني من الحمى، حاول زيادة تناولك للماء للحفاظ على رطوبة الجسم، لأنه يساعد الجسم بشكل طبيعي على التخلص من السموم والبكتيريا التي تسبب المرض.